الأخبار

ندوة "الدراما والتاريخ" تثري المعرفة الفنية لدى الطلاب
​بمناسبة مرور 50 سنة على تأسيس المسرح القطري، نظم قسم الفنون المسرحية ندوة بعنوان "الدراما والتاريخ"، وذلك بحضور الدكتور خالد محمد الحر رئيس الكلية، والدكتور مصطفى الخوالدة عميد قطاع الآداب والفنون، ونخبة من المهتمين والمتخصصين، وعدد من طلبة الكلية.

شارك في الندوة التي أدارها الناقد المسرحي، الدكتور سعيد الناجي، كلًا من الدكتور مرزوق بشير، دكتوراه في الإعلام والمسرح، والفنان المسرحي سعد بورشيد، والدكتور رامي أبو شهاب، أستاذ الفنون بجامعة قطر، وحظيت الندوة بنقاشات مستفيضة، أسهمت في إثراء المعرفة المسرحية عند الحضور، وسلطت الضوء على تقاطع الدراما والسينما مع التاريخ، وصولًا إلى فهم التجربة الفنية القطرية بهذا الخصوص. 

وقد عبرت مشاركات الطلاب والجمهور عن وعي بأهمية الإنتاجات الدرامية التاريخية الحالية، وخاصة القطرية منها، وأكدت على ضرورة امتلاك قطر صناعة سينمائية قوية تستطيع الحضور عالميًا مثلما يحضر الإعلام القطري بقوة، ويؤثر في الرأي العام العالمي.

وفي هذا السياق، أكد د. مرزوق بشير في مداخلته، أن "الدراما والتاريخ" موضوع راهن، يُثير الكثير من الأسئلة والسجالات، خاصة بعد الموجة الكبيرة للمسلسلات والأفلام، التي تتناول قضايا وقصصًا تاريخية، ينتشر صداها، ويصل إلى الرأي العام الثقافي والإعلامي وحتى السياسي، وليس أدل على ذلك، النقاش الذي واكب مسلسل عمر بن الخطاب وغيره كثير.

أيضًا تناول د. بشير العلاقات المركبة بين الدراما والتاريخ، وضرورة مسح الأفكار المسبقة والجاهزة التي تحاول أن تمنح قوة لـ"حراس التاريخ" على حساب الدراما بدعوى "الوفاء للحقيقة التاريخية"، حيث يراد إخضاع الدراما إلى التاريخ وتفاصيله، لكن الحقيقة التاريخية غير متفق عليها أولًا، ثم إنها محكومة بنظام غير نظام الدراما، لأن نقل التاريخ عبر الدراما ليس غايته التاريخ نفسه، وإنما غايته الحاضر، وإشكالاته. 

ولهذا دافع د. بشير عن أسبقية الدراما، وقدرتها على تطويع، وتحويل القصة التاريخية وفق استراتيجيات الكتابة، واشتراطات الإنتاج الدرامي، وأولياته؛ فالغاية تسمح بالتصرف في العنصر التاريخي، لأنها لا تقصد نقل الأحداث التاريخية كما هي، والتي يتوقف عندها التاريخ، لكنها تنبش في الأسباب الكامنة وراء الحدث التاريخي، وتضيء به الحاضر، وتقترح رؤية للمستقبل.

وأضاف، أننا نحتاج إلى عدم إسقاط الأحكام الخارجية على الدراما، كما نحتاج إلى تمثل فكرة أن التاريخ يصبح أداة درامية ليس إلا، وعنصرًا للتخييل الدرامي سواء في المسلسل أو الفيلم أو المسرحية، وليس وثيقة تاريخية مقدسة؛ مما يسمح بالتناول الدرامي الذي يُنير الحاضر والمستقبل، ولا يتوقف عند المعطى التاريخي الجامد.

من جانبه، تناول الفنان سعد بورشيد التباسات التجربة القطرية في تناول التاريخ دراميًا؛ من خلال عدد من المسلسلات، كان أشهرها مسلسلات، عمر، المرابطون، الأندلس، ناهيك عن تناول التاريخ في المسرح، وما شهده من توازٍ كان حاضرًا في تناول التاريخ مع التطور الذي عرفه بعد الاعتراف الرسمي لوزارة  الثقافة مطلع سبعينيات القرن الماضي، واستمر متألقًا. لكن للأسف، إن الإنتاج الدرامي الحالي في قطر غير مقنع، كما يقول الفنان بورشيد، ويتابع: حاليًا لا يواكب التطورات الحاصلة في المجال الإعلامي والدرامي، كما لا يواكب تطور صناعة التلفزيون والسينما العالمية، رغم أن قطر أصبحت الآن نموذجًا عالميًا في الإنتاج الإعلامي المستقل، والمؤثر في الرأي العام العالمي، كما أصبحت تمتلك تجربة فريدة في الإعلام الرياضي؛ وهذا يطرح أكثر من سؤال عن وضعية الإنتاج الدرامي غير  المقنعة.

كذلك قدم د. رامي أبو شهاب كشفًا للسينما التي تناولت التاريخ، وطرق تناوله من تقديم القصص التاريخية إلى تناول الشخصيات التاريخية، وغيرها من الطرق، وذلك عبر مداخلته عن تقاطع الدراما والسينما مع التاريخ سواء على الصعيد العربي أو العالمي، وركز على التوظيف الأيديولوجي للتاريخ في السينما، من خلال الكم الهائل من الأفلام الذي خُصص للهولوكوست، وقصص العنف النازي ضد اليهود. 

وأبدى د. أبو شهاب استغرابه من هذا الكم الهائل من الأفلام الذي جانب التاريخ في الكثير من نماذجه، مدفوعًا برغبة أيديولوجية محضة لتقديم "تاريخ" يُنسينا ما يعانيه الشعب الفلسطيني من تقتيل وتهجير، الأمر الذي يكشف عن تمكن الغرب من صناعة الخطاب السينمائي القادر على صياغة جديدة للتاريخ وفق مصالحه، مما يطرح السؤال حول مسؤولية العرب، وصناعتهم السينمائية في ظل هذا الوضع، لتنتهي الإجابة إلى قلة الأفلام التاريخية في العالم العربي، وعدم قدرتها رغم أهميتها على مواجهة موجات السينما التاريخية الغربية التي تقدم التاريخ الغربي كنموذج مهيمن.

وختامًا، أكد د. سعيد الناجي، أننا فيما نبحث عن وفاء الدراما للتاريخ، ربما مدفوعون بفكرة نبيلة تحترم التاريخ كمعطى، فإن الدراما سواء مسرحيًا أو سينمائيًا لها منطقها الخاص المتمثل في صناعة الفرجة، وتشكيل وعي المتفرج؛ ومن ثم تسمح الدراما لنفسها بصناعة التاريخ، وليس بنقل أحداثه، وبالتالي حين نصنع التاريخ دراميًا فنحن نصنع المستقبل الذي سنعيشه لاحقًا.


تفاصيل الخبر

ــــــ